أين بطل الانتخابات ومحرز الانتصارات ومدمر المعارضة ومحرر البرلمان الفيلد مارشال أحمد عز؟ لماذا لا "يرزعنا" سلسلة مقالات عن الوحدة الوطنية في الأهرام؟ لماذا لا يخرج بأغلبيته الساحقة ليطفئ النيران التي تمسك بتلابيب الوطن؟ أم تراه لا يتألق إلا في المعارك الوهمية وتزوير الانتخابات.. أين الأغلبية الساحقة التي حصلت على أكثر من 97% من مقاعد البرلمان؟ لماذا لا نراها تتصدي لمصيبة تكاد تعصف بالوحدة الوطنية؟ هل فوجئ هؤلاء بحادثة الإسكندرية ورد الفعل عليها فأسقط في يدهم، أم أنهم لا يعرفون ذلك الشعب الذي انتزعوا تمثيله زوراً وبهتاناً ولا يعرفون أين يعيش أو كيف يتصرف وبالتالي يستحيل عليهم التعامل معه.. أسئلة كثيرة تتدافع لتخرج من رؤوس الجميع وهي تري المشهد الصادم المخيف لبلد على شفا التفكك بفعل سياسات غاشمة ارتكبها هذا النظام بحق الشعب المصري.. ألا يدرك هؤلاء أن سياساتهم كفيلة بإنتاج بلطجية وإرهابيين وجواسيس يكفون العالم كله؟ ألا يشعرون بوطأة تلك السياسات ولجنتها على أبناء الفقراء والمحرومين الذين يشاهدون القلة الفاسدة وقد أخذت كل شيء وهم لا يجدون ما يستر عوراتهم أو يسند رمقهم أو حتىيبل ريقهم الناشف؟
هل يظن هؤلاء أن يفعلوا ما شاءوا وما يحلو لهم دون أن يأتيهم عقاب السماء على جرائمهم؟ تزوير وفساد ونهب واستبداد فماذا سيجني الناس من ذلك سوي الإرهاب والفتنة والاحتراب الديني؟ لقد ظنوا أن جريمة تزوير الانتخابات مرت بسلام فخرج عز بمقالاته في الأهرام مخرجاً لسانه للجميع متفاخراً بنصر مزيف وببرلمان لا يمثل سوي إرادته هو، غير أبه لشعب رأي التزوير رأي العين بل وأمسكه بيديه، وغير مهتم لحياة سياسية تلفظ أنفاسها على يدي حزبه الوطني، ذلك الحزب الذي لم تشهد البلد في تاريخها ما رأته على يديه من عنف وإرهاب وفتن طائفية.
اختفي أحمد عز وبرلمانه فلم يعد لديهم ما يقدمونه ولم يجد النظام سوي قوات الأمن يلقيها في الشارع لتتلقي صدمات الغاضبين، ومعهم بالمرة يخرج شيوخ ليقبلوا قساوسة في مشهد مله الناس، بخلاف استحضار كل من الحلنجية والكلمنجية لقول كلمتين على الشاشات عن الوحدة الوطنية التاريخية التي لا يغلبها العدو، وعن الإرهاب الذي لا تقره الأديان والشرائع السماوية، وبالمرة كام يافطة بعلم مصر تلعن الإرهاب والمرهبين وتحيي الوحدة الوطنية والوحدويين.. هذه هي المراهم والمرطبات التي يستخدمها النظام أو قل عدة الشغل التي يخرجها كلما حدثت كارثة من هذا النوع.
لقد قايد معظم المصريين النظام على السكوت على سياساته التي أفقرتهم مقابل الأمن، وكنا نتغني بالأمن والأمان في مصر، وسكت الناس على بلاوي كثيرة مقابل أن يروحوا ويأتوا آمنين على أنفسهم وأبنائهم، وفجأة ضاع ذلك كله في لحظة.. تفجيرات أمام الكنيسة ليلة عيد الميلاد، ثم اضطرابات في طول البلاد وعرضها ومخاوف من توليد حالة من الغضب المتنامي في النفوس بين المصريين قد لا نستطيع محوه بسهولة، بل قد يستحيل محوه أن تمكن الغضب والغضب المضاد من قلوب وعقول المصريين على اختلاف دينهم.