كان الموضوع الرئيسي في الصحف المصرية الصادرة أمس عن توابع الحادث الإرهابي وردود الأفعال عليه في صورة أخبار ومقالات وتحقيقات وتحركات كان أبرزها تصريح وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي في اجتماع مجلس الوزراء بأن الأجهزة الأمنية حققت تقدما في التعرف على الإرهابي بتجميع ملامحه، وانه ارتكب الحادث بعبوة ناسفة لا سيارة مفخخة.. ونحن لا نستطيع الاشارة الى كل أو معظم ما يتم نشره إنتظارا للنتائج النهائية التي ستعلنها وزارة الداخلية، وفي بداية الاجتماع وقف الحاضرون دقيقة حدادا على أرواح الضحايا، وقيام شيخ الأزهر على رأس أساتذة جامعة الأزهر بمسيرة داخل الجامعة تضامنا، ووقفات أخرى في مناطق عديدة لاستنكار العمل الإرهابي، ودعوات للمسلمين لمشاركة إخوانهم الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، وإصدار إدارات المرور أوامر بمنع وقوف أي سيارات بجوار الكنائس، والإفراج عن باقي الأقباط المحتجزين في أحداث كنيسة العمرانية، والذين اعتدوا على قوات الأمن ومديرية الأمن ورئاسة الحي.
وكان قرار الإفراج قد تم اتخاذه قبل العملية الإرهابية في الاسكندرية، كما بدأت محاكمة ثمانية من الشبان المسلمين المنتمين الى حركة السادس من أبريل بتهمة الاعتداء على قوات الأمن في شبرا وإتلاف سياراتها أثناء مشاركتهم الأقباط في الاحتجاج، والإعلان عن إدخال تعديلات قانونية للتيسير على المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية من الأحزاب، والإعلان عن تيسيرات لأصحاب سيارات النقل بالمقطورات لتحويلها الى سيارات، والبدء الاسبوع القادم باستخدام حفارين لا حفارا واحدا في أعمال المرحلة الثانية من الخط الثالث لمترو الأنفاق بالقاهرة، ووقف قرار وزير التربية والتعليم تحويل المدارس القومية في الاسكندرية وهي فيكتوريا والليسيه الى تجريبية لامتصاص غضب أولياء الأمور، والى قليل من كثير لدينا:
'الشروق':
الحل باجتثاث الاحتقان الطائفي
ونبدأ باستمرار ردود الأفعال على الجريمة التي أوجعت قلوبنا وكسرت روحنا الوطنية بأكثر مما هي موجوعة ومنكسرة وتطايرت واختلفت أسباب تحليل الأزمة ونتائجها والمسؤول عنها.. فمثلا السفير السابق بوزارة الخارجية والمدير الأسبق لإدارة القانون الدولي بالوزارة إبراهيم يسري قال يوم الاثنين في 'الشروق' عما حدث: 'ليس هذا هو الحدث الأول فقد تكرر المشهد سواء بيد متعصبين من الجانبين، أو بتأثير خارجي، ومن هنا فاجتثاث الاحتقان الطائفي السائد الآن والذي لم ينجرف معه حكماء الجانبين، ولا أغلبية المصريين ينبغي تناوله الآن بجدية وحلول جذرية غير تقليدية تحسبا لخطر كبير يدبره المتعصبون الخارجون عن الوعي والإدراك في الداخل وتغذيه وتفرح به قوى أجنبية في الخارج، وإذا مرت الأحداث السابقة بسلام فذلك يرجع لحكمة الكنيسة المصرية ووطنيتها في المقام الأول، فقد رفضت كل محاولات الانجليز للتفرقة بين الأقباط والمسلمين أثناء الاحتلال، ووقفت ضد الصهيونية وأيدت حقوق الفلسطينيين بل حرمت على رعاياها زيارة القدس أثناء الاحتلال، الأمر الذي لم تحسمه المؤسسة الدينية الإسلامية، ففي مصر رأينا أن الدولة لا تملك القدرة على التعامل مع الاحتقان الطائفي بل قد تغذيه بيروقراطيتها وسطحية إجراءاتها. إن معالجة هذه القضية الحيوية تتطلب بالضرورة حوارا مجتمعيا يؤدي بنا إلى دولة يسودها القانون ويحترم فيها الدستور وأن يحكمها شعبها ولا تزيف إرادتها، أما الحكم الذي يقوم على حكم الفرد وثقافة الحزب الواحد والمعالجة الأمنية والقمعية فلن يستطيع مواجهة أو حل المشاكل المهمة التي يعاني منها الشعب وعلى رأسها الاحتقان الديني، فلو احترم النظام نصوص الدستور الحالي في شأن المواطنة وحرية العقيدة والمساواة بين المصريين، ولو كانت هناك حرية يستطيع المواطن القبطي أو المسلم أن يطالب بحقوقه وأن يدافع عنها لما تولدت جذور هذه المشكلة، كذلك فقد أسفرت سياسة النظام خلال عقود، عن عدم قدرته على إدارة أمور البلاد وحده دون استشراف مطالب الجماهير أو حل مشاكلها فزاد الفقر واضمحل التعليم وتدهور التأمين الطبي إلى آخر هذه المشاكل التي ضاق بها المواطن القبطي والمسلم الذي حرم من ممارسة السياسة فانجرف إلى الكره والتعصب والعنف، ومن هنا فإن مجلس الشعب الحالي بالطريقة التي جاء بها وبالأسلوب الفج الذي انتخب به رئيسه لا تتوفر له القدرة على تناول الاحتقان الطائفي وغيره من قضايا الأمة'.