كشفت وثيقة للسفارة الأمريكية بالقاهرة، نشرها موقع «ويكيليكس»، عن
«وجه آخر» لجمال مبارك نجل الرئيس وأمين لجنة السياسات بالحزب الوطني. وجاء
في الوثيقة التي أرسلتها السفارة الأمريكية لوزارة الخارجية في واشنطن، أن
حملة صحفية في جريدة «الدستور» كشفت تفاصيل جديدة عن ارتباط جمال مبارك
بشركة هيرمس، وأشارت الوثيقة للحملة التي كتبها الزميل خالد البلشي مساعد
رئيس تحرير «الدستور» سابقا، ورئيس تحرير «البديل» ، حول مسئولية شركة
«هيرمس» وعدد من الشركات الكبرى عن انهيار البورصة في 2006، وهو الانهيار
الذي دفع ثمنه في الأغلب صغار المستثمرين. وقالت البرقية إن الحملة اضطرت
نجل الرئيس للسعي لتبرئة نفسه أمام الرأي العام، بعد أن كشفت «الوجه الآخر»
لأعمال أمين السياسات.
وكان البلشي قد نشر في العدد السنوي من جريدة «الدستور» في 23 مارس 2006،
أولى حلقات الحملة تحت عنوان «جمال مبارك و ” شركاه ” خربوا بيوت صغار
المضاربين في البورصة.. فتش عن هيرمس». وأثبت البلشي بالوثائق ان رأس مال
الشركة ارتفع بالمضاربات عام 2005 من مليار و 300 مليون إلى أكثر من 10
مليارات رغم أنها لا تملك أصولاً، كما رصد تضاعف رأس مال «هيرمس» خلال
الشهر الأول من 2006 إلى 22 ملياراً وأضاف «و بعدها بدأ الانهيار» في 14
مارس 2006.
وكشفت الحملة «الصعود غير المبرر لأسهم الشركة» بعد إعلان جمال مبارك
أنه عضو في مجلس إدارتها، وقتها حسب البلشي قال أمين السياسات «رأس مال
الشركة الأساسي هم الفنيون العاملون بها».
وفي الحلقة نفسها من الحملة، كشف الصحفي أن انهيار البورصة سبقه بيوم واحد
انهيار في أسعار هيرمس بلغ 8 مليارات جنية في 24 ساعة، بما يعادل 60% من
قيمة أسهم الشركة بعد أن انخفض سعر السهم فجأة من 128 إلى 45 جنيها يوم
الاثنين 13 مارس، ورغم ذلك لم تتدخل إدارة البورصة لوقف التداول على هذا
السهم الكارثي، كما فعلت مع الشركات التى انخفضت أسهمها 20% فقط، لكنها
تركت هيرمس التي كانت تتحكم في 25% تقريبا من أسهم البورصة المصرية، خاصة
مع إعلان جمال مبارك مشاركته في إدارتها بحوار صحفي في «روز اليوسف» نشر في
25 يناير 2006.
وبالمستندات أكدت الحملة الصحفية أن الشركة استحوذت على أغلب صفقات بيع
القطاع العام في البورصة، وأن مجموعة الوزراء المقربون من أمين السياسات
خصوا الشركة بصفقات وزاراتهم
وكتب البلشي وقتها«لعل نظرة سريعة علي مؤشرات صعود سهم هيرمس وحركة
البيع والشراء عليه من خلال بيانات البورصة المصرية والرسوم البيانية حوله
خلال السنوات الثلاث الأخيرة تكون مؤشراً علي ما جري ويجري (وقتها) حول
السهم بل في البورصة المصرية كلها ، فطبقاً لبيانات البورصة المصرية فإن
سعر سهم هيرمس قبل ثلاث سنوات وبالتحديد يوم 20 فبراير 2003 وبعد مرور أربع
سنوات علي قيدها في البورصة كان ثلاثة جنيهاًت و77 قرشاً بتراجع 123 قرشاً
عن سعر الاكتتاب عليه وهو خمسة جنيهات، وبعد عام كامل وبالتحديد في 19
فبراير 2004 تحرك سعر السهم إلي 8 جنيهات و12 قرشاً بزيادة ثلاثة جنيهات عن
سعر الاكتتاب عليه قبلها بـ 5 سنوات ، واستمر الصعود الهادئ للسهم ليصل
إلي 17 جنيهاً و22 قرشاً قبل عام من الآن (2006) وبالتحديد في 21 فبراير
2005 لتبدأ مرحلة القفزات في سعر السهم لكنها ظلت قفزات محسوبة ليصل سعر
السهم إلي 40 جنيهاً و53 قرشاً قبل ستة أشهر من الآن ، وبالتحديد في 21
أغسطس الماضي وبعد أقل من ثلاثة شهور ، تضاعف سعر السهم ليصل إلي 83 جنيهاً
و62 قرشاً مع إغلاق يوم 21 نوفمبر 2005 ومع نهاية العام وصل سعر السهم إلي
ما يقرب من 135 جنيهاً بزيادة ثمانية أضعاف عن سعر الإغلاق عليه في 21
فبراير 2005 ليرتفع رأسمال الشركة خلال عام 2005 فقط من مليار و337 مليون
جنيه إلي أكثر من عشرة مليارات و935 مليون جنيه».
وأضاف التقرير:«المفارقة أنه خلال أقل من شهر تضاعف رأسمال الشركة مرة أخرى
ليصل إلي أكثر من 22 مليار جنيه ونصف بعد أن وصل سعر السهم إلي 280 جنيهاً
قبل أن يبدأ رحلة انهياره المروع والتي لم تستغرق أيضاً سوى شهر آخر .
وهكذا فإن رأسمال الشركة خلال عام واحد زاد من مليار جنيه و322 مليوناً إلي
22 ملياراً و500 مليون رغم عدم امتلاكها لأي أصول. المثير أن الوقائع تشير
إلي أنه مثلما تم الإعداد للصعود غير المبرر لسهم الشركة فإنه أيضاً يتم
الإعداد لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من الهبوط المروع للسهم. فبينما كان سهم
الشركة يحقق أعلى تداول في البورصة المصرية وبينما وصل أعلى سعر له إلي
285 جنيهاً فوجئ المتعاملون بالبورصة بقيام الشركة بطرح 16 مليون سهم جديدة
للاكتتاب لتمويل عملياتها للاستحواذ علي 20% من بنك “عودة” أحد أكبر
البنوك اللبنانية رغم أن الشركة كانت قد استغلت دخولها في هذه الصفقة
لزيادة سعر سهمها، وكانت المفاجأة الأكبر أن الشركة بدلاً من أن تطرح
الأسهم بالسعر المتداول في السوق والذي يزيد علي 270 جنيهاً طرحته بـ 115
جنيهاً معلنة أن هذا هو السعر العادل للسهم وكأن الشركة تقول للمتعاملين
معها ضحكت عليكم!»
وتوقع البلشي موعد الأزمة التالية في البورصة والتي حدثت بعد أقل من شهر
من الأزمة الأولى وقال «الغريب أن الشركة بدأت في إعادة الكره من جديد من
خلال إعدادها لطرح ما يقرب من 200 مليون سهم جديد يبدأ التداول عليها في
18 أبريل 2006 ( أي بعد شهر فقط من انهيار البورصة)وهو موعدنا مع الأزمة
القادمة.».